-A +A
احمد عائل فقيهي
في العالم العربي اليوم نحن أمام حالة من الانقسام غير معهودة وغير مسبوقة أبدا.. بعد سقوط حكم الإخوان في مصر.. والرجوع إلى حكم مدني يستند على شرعية الشعب.. وهذا الانقسام يمتد على مساحة الوطن العربي.. فثمة من يتعاطف ويقف مع من يتجمعون ويتجمهرون في «ميدان التحرير» الذين هم ضد حكم الإخوان ويمثلون وينحازون للدولة المدنية، وثمة من يتعاطف ويقف مع من يتجمعون ويتجمهرون في ميدان «رابعة العدوية» والذين يمثلون رموز الإخوان المسلمين وتلامذتهم والمؤيدين لهم.
•• هذه الحالة المصرية.. والعربية تعبر عن عالم عربي جديد تمتد على مساحة الخارطة العربية وتلقي بظلالها السياسية وهو ما تفرزه اليوم من وضعية عربية متشظية.. تعكس فكرا إخوانيا وسلفيا.. ومذهبية حزبية طاغية بحيث تداخل وتشابك في هذه الوضعية ماهو ديني مع ماهو سياسي، وأصبحنا أمام ما يعرف بخطاب الإسلام السياسي.. وهو الخطاب الطاغي.. الذي يرتكز على ذهنية أولئك الذين يحلمون بإقامة الدولة الدينية في العالم العربي والإسلامي.

يكاد اليوم يختفي السجال الفكري حول القضايا الفكرية والسياسية التي كانت سائدة في العالم العربي من الخمسينات إلى السبعينات والثمانينات الميلادية.. وأصبح ماهو جلي وواضح صراعا بين حلم إقامة الدولة الدينية.. وحلم يقوم على مفاهيم الدولة المدنية.
ما يحدث في مصر ينعكس بالضرورة على كل أرجاء الوطن العربي.. ولاشك أن هناك شرائح وأطيافا من المجتمع العربي من هواهم وعقولهم وعواطفهم مع من يقفون ويمثلون الدولة المدنية في ميدان التحرير ومع من يقفون ويمثلون الدولة الدينية في ميدان رابعة العدوية.
وعلى مدى سنوات طويلة ونحن نقرأ من باحثين ومفكرين ومنظرين عرب.. فهناك من يقول بأن الإسلام هو الحل.. وهناك من يقول بأن الديموقراطية هي الحل.. وهناك من يدعو إلى إقامة الدولة المدنية وثمة من يقول بأن الحل هو إقامة الدولة الدينية.
وبين «ميدان التحرير» حيث رمزية الانفتاح والتنوير وبين ميدان رابعة العدوية.. حيث الرمزية الدينية والصوفية.. يقف العالم العربي بين الانقسام والصدام.